الإلترا الجزائرية كيفية ظهورها أسباب تأخرها
يبدو أن التعصب والانفعال في مناصرة الأندية الرياضية في الجزائر لم يخلق العنف في الملاعب فحسب, فرغم سلبياته المتعددة والكم الهائل من الجرحى والموقوفين وأحيانا القتلى المسجلين عقب مباريات كرة القدم، إلا أن الشوفينية الرياضية استطاعت مؤخرا رسم لوحات فنية أبدعت في رسمها فرق الألترا المناهضة للعنف والداعية إلى التشجيع العقلاني والانتقـال مع النادي أينـما حل اينما ارتحل.
انتشرت، في الخمس سنوات الأخيرة، ظاهرة جديدة في ملاعبنا تتمثل في ظاهرة "الألترا" المكونة من مجموعة للشبان العاشقين لأحد الأندية الجزائرية، هم مناصرون اختاروا طريقة جديدة للتشجيع مستوحين الفكرة من الملاعب الأوروبية، إلا أنهم أبدعوا في المزج بين الطريقة الغربية في التشجيع مع الأسلوب الجزائري المميز الذي يعتمد أساسا على الغناء في المدرجات وإشعال الألعاب النارية، "الفيميجان" و"العكري" وغيرها.
وفي تشريح الصحافة الجزائرية لهذه الظاهرة، وجدنا أن أول ألترا في بلادنا هي "فيردي ليوني" أي"الأسد الأخضر"، المشجعة لنادي مولودية العاصمة، تكونت هذه الفرقة عام 2007 واستطاعت في وقت قصير أن تجمع آلاف المنخرطين، لتكون بداية هذه الظاهرة في ملاعبنا التي طغت عليها الشوفينية الرياضية المترجمة في مختلف أشكال العنف غير المبرر، إلا أن وجود فرق الألترا قد ساهم في تهذيب طرق تشجيع المناصرين، حسبما أكده بعض الصحافة الجزائرية .
بعض منخرطي "فيردي ليوني"التي انبثقت عنها هي الأخرى فرقة ألترا جديدة العام الفارط باسم " ذو توالف بلاير" بمعنى اللاعب رقم 12، الذي أسسها أحد المناصرين الأوفياء لفريق مولودية العاصمة.ولعل من بين أهم فرق الألترا في الجزائر كل من مجموعة " فاناتيك هوت" المشجعة لنادي شباب بلوزداد، ومجموعة "وينرز"
بمعنى الرابحون المناصرة لفريق اتحاد الحراش، بالإضافة إلى مجموعة "ميغا بويز" المشجعة لفريق مولودية سعيدة والتي قامت باول تيفو في الملاعب الجزائرية، و"يوسميست" التابعة لفريق اتحاد العاصمة،كما انشئت "بابية " لانصار مولودية العلمة والتي قامت بثاني تيفووغيرها.الى اخره من النوادي الجزائرية على العموم نتمنى ان تنتشر الالترا في الجزائر لانها قد عمت جميع الملاعب التونسية والمغربية واعطت حماس كبير هناك .
أسباب تأخر ظهور حركة الالترا في الجزائر
تأخر ظهور حركة الالترا في الجزائر إلى أسباب عديدة ولعل من أهم هذه الأسباب العامل الأمني، فلا يخفي على أحد مامرت به الجزائر في سنوات الدم التي امتدت من منتصف الثمانينات الى غاية اولى سنوات القرن الحالي. سنوات شلت فيها معظم جوانب الحياة العادية فمابالك بكرة القدم.
رغم هذا كانت الجماهير الجزائرية تبرهن على تعلقها بأنديتها الى حد جنوني. ففي وقت كان الشخص الذى لم يعد الى البيت قبل غروب الشمس يحسب في عداد الموتى، كانت جيوش المناصرين تزحف خلف أنديتها متحدية بذلك كمائن الارهابيين وحواجزهم الأمنية المزيفة. وخير دليل على هذا تنقل اكتر من 80 الف مناصر من العاصمة الى غاية وهران لمسافة اكثر من 400 كلم في عز مرحلة الارهاب(1999) وتنقل 50 الف شنوي لمدينة تيارت (اكتر من 300 كلم لما كانت المولودية تلعب في الدرجة التانية). هذه الظروف لم تسمح بتطور واسع لحركة الالترا لدى الجماهير بالرغم من وجود بذور هذه العقلية في نفوسهم وبصفة فطرية او الحب الجنوني لانديتهم. ثم العامل الاقتصادي,فسنوات الارهاب صاحبها ركود اقتصادي كبير على الجزائر وانعزال شبه كلي على العالم الخارجي.فالمناصر متوسط الدخل كان مطالبا بشراء تذكرة الدخول الى الملعب بـ 200 دينار جزائري في وقت كانت ادنى مستلزمات الحياة تفوق هذا الثمن بكثير. الا ان حب الكرة كان يدفع الانصار الى التنقل الى ملاعب لنسيان الواقع والتضحية باشياء أخرى من حياتهم.ويفضل ان يشتري فيميجان ب600 دينار ايضا على الا يجد ما ياكله.
أما أهم عامل في تأخر ظهور الالترا في الجزائرهو رفض الكثير من الانصار الافكار القادمة من الخارج بحيث يرون أن الطريقة الجزائرية في التشجيع هي الأحسن ويرفضون تبني طرق غريبة عن شخصية الجزائري.وحججهم في هذا هي العادات التي اشتهرت بها الملاعب الجزائرية منذ سبعينات القرن الماضي .
1- اشعال النار في الجرائد
ففي مباراة مولودية الجزائر وحافيا كوناكري في نهائي رابطة ابطال افريقيا سنة 1976 (120.000 مناصر)
وقام الانصار باشعال النار في الجرائد كما اشتهر ملعب الثامن ماي لوفاق سطيف بملعب النار الانتصار عن اشعال
الجرائد خا صة بالكاس العربية
2- استقبال اللاعبين (الدخلات كما تسمى حاليا)
كان الانصار وبشكل عفوي ودون تنظيم مسبق او مجموعات الترا يستقبلون اللاعبين بطريقة خاصة عند دخولهم (بدون تيفوات طبعا)
وذلك بطريقتين: فتح الاعلام وبسطهاوهي الطريقة التي صارت خاصة بانصار المنتخب الجزائري عند عزف النشيد الوطني
حيث شاعت بقوة سنة 2004 بدورة تونس "كاس الامم الافريقية "
3-كراكاج الدقيقة 80 (او كراكاج ربع الساعة الأخير)
منذ سنوات عكف انصار الاندية الجماهيرية خاصة في مباريات القمة على عادة تتمثل في اشعال الفيميجان بصفة جماعية
بمجرد الدخول في الدقيقة الثمانين من المباراة، الهدف منه هو اعطاء الدفع للاعبين لبذل النفس الاخير قبل نهاية المباراة
وذلك مهما كان اداء الفريق , منها الداربي العاصمي مولودية الجزائر 0-0 اتحاد الجزائر (الدقيقة 75') اجمالي الفيميجان المشعلة
طول اطوار المباراة كان 3000 فيميجان , انصار شباب بلوزداد , ومباراة مولودية بجاية 1 - 0 شباب عين الفكرون في دقيقة واحدة
اشعلت اكثر من 460 فيميجان دفعة واحدة
4- الاحتفال بالأهداف عن طريق الكراكاجات الكثيفة
وهو شيئ يتميز به الجمهور الجزائري ويضفي على الملعب اجواء مميزة.
ولعل اجمل الكراكاجات الاحتفالية بالأهداف:
داربي الشرق الجزائري شباب قسنطينة- مولودية قسنطينة"الدرجة الثانية الجزائرية" ثلاثة أهداف=ثلاثة كراكاجات
والداري العاصمي مولودية الجزائر- اتحاد العاصمة
5- مجموعات الانصار (تشبه الالترا وتتسمى باسمها احيانا)
هي مجموعات من الانصار من حي واحد عادة او مدينة واحدة تعودوا التنقل مع الفريق في كل مبارياته
وتصنع راية كبيرة تشبهرايات الالترا وتعليقه في كل الملاعب. ويعبر عن وفاء الحي الفلاني او المدينة الفلانية للفريق
وغيرها من المجموعات التي لا يمكن تسميتها بالالترا لكن لديها الكثير من القواسم مع حركة الالترا
6- أغاني الملاعب
جانب تفوق فيه الجزائريون بكل الاندية، فبمجرد معرفة أن اغلب فرق الدرجة الاولى مقرها العاصمة
(مولودية الجزائر،اتحاد الجزائر، شباب بلوزداد،نصر حسين داي،اتحاد الحراش،رائد القبة وغيرها من الاندية العاصمية)
فيمكن تصور حدة المنافسة بين جماهير هذه الاندية وذلك من خلال الاغاني الكثيرة والتي تعدى صيتها الحدود الجزائرية.
فيمكن اعتبار الجماهير الجزائرية الوحيدة التي لها اغاني خاصة باجواء ماقبل المباراة، اجواء بداية المباراة،
اغاني خاصة لما ينقص ريتم و مستوى اللعب،اغاني خاصة باجواء التعادل، اغاني خاصة لما يكون الفريق منهزم،
اغاني خاصة بالتفوق في النتيجة، اغاني خاصة للحكم لما يكون متحيزا،اغاني خاصة باللاعب الذي يرتكب تدخلا عنيفا،
اغاني تكون بنفس ريتم اغاني الفريق المنافس لكن تكون بمثابة الرد عليهم (فيكون شبه حوار بين انصار الفريقين)،
اغاني لما يكون سوء الحظ يطارد المدافعين.
وهناك أشياء أخرى كتيرة جعلت من الطريقة الجزائرية في التشجيع فريدة من نوعها إذ يعتبر الجمهور الجزائري من أنشط و أفضل الجماهير العربية و الإفريقية و حتى العالمية. حيث يعتبر اللاعب رقم 12 في الملعب. و قوة و مصدر فخر الأندية و الفريق الوطني الجزائري خاصة فلا يقتصر دوره على تشجيع الفريق و الوقوف الى جانبه الى آخر لحظة ، بل يتعدى دوره الى صنع لوحات فنية جميلة بطريقته الخاصة و دون تقليد للغرب.و تأليفه لاغاني جميلة و ترديدها مطولا خلال المباريات.
و من مميزات الجمهور الجزائري الحضور القوي فلا تكاد تخلو المدرجات من آلاف الأنصار الأوفياء الذين يتنقلون مع فريقهم الى كل مكان، فنلاحظ مباريات في الأقسام السفلى تجذب عشرات الآلاف من المناصرين و هذه ميزة لا تتواجد عند البعضدون التحدث عن الداربيات و مباريات الفريق الوطني و التي تعتبر الحدث الأهم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق